حرب قيد الإنشاء - قصة قصيرة - نبأ حسن مسلم
كنت أجمع كواكباً لمّاعة سقطت ليلة أمس من مجرة بعيدة, عندما أعلن النفير العام في البلاد. تقدم بغل عجوز نحو المرج المائي حيث أسكن وقرأ علينا بيان الالتحاق.. حيث أخبرنا بهلاك الرجال بالحروب الخمس الأخيرة والآن حان دورنا لحمل السلاح!! ولأني مواطنة صالحة, فقد أسرعت إلى أقرب نقطة تجنيد. أمليت بياناتي على جندب ببزة عسكرية لطيفة, حيث دعاني لكوب قهوة.. لكني اعتذرت بأدب بسبب كرهي للقهوة.. فذات يوم كنت أستمتع بحفلة في منزل النمل عندما سقط العالم في كوب القهوة خاصتي وأضفى عليها طعماً لاذعاً. فمنذ تلك الحادثة وأنا اكره القهوة!! نقلونا إلى المعسكر على ظهور أفيال راقصة, أمضينا شهوراً طوال نتدرب بقسوة على سرير الجنرال حتى حان اليوم الموعود لتنفيذ مهمات قتالية حقيقية. انتظمت بصف طويل يتم تجهيزه للانطلاق, وعندما حان دوري سحبني الجنرال نحو مشفى المعسكر حيث أوصى ثلاثة نمور خافرة باستبدال قلبي بكيس ملاكمة تدرب عليه قساوسة ورهبان. فيجب أن أكون قوية لأداء مهمة داخلية!! شعرت بالاستياء لأني سأغادر, فاحتفظت بذكرى طازجة لحديثي مع الجنرال ليلة أمس حول ضرورة إنجاب سلالة جديدة من البشر بعيون رامشة كالسحالي وأفـواه مضادة للعطش!! أرسلوني لأرض الغجر لأقتل حفنة من الأولاد الذين تبولوا على صورة الجنرال. حجزت الباص الهابط إلى هناك مع مجموعة من الكتب برؤوس أدمية ((لاحقاً عرفت بأنهم خونة.. من الطابور الخامس)) حدثوني بلغات مختلفة و سقوني كأساً من حبر أسود رخيص.. فنزلت منتشيه عند أول محطة للألعاب الكهرومغناطيسية.. هناك قابلت ((كاتي بيري)) حيث زودتني ببطاقة ممغنطة وإرشادات هادفة على وقع اغنية (( chained to the rhythm ))
بعد الخطوة السابعة اكتشفت بأني قد ظللت الطريق, فأرشدني قرصان لطيف يضع على كتفه الأيسر عنكبوت ميت ويحمل خارطة مقلوبة إلى حانة تتمدد بالقرب من هنا. عند بوابة الحانة ولسوء الحظ تعثرت برداء هيرودوتس.. فأنفجر غاضباً كمرجل موقوت و أخذ يتقيأ التاريخ على الجميع!!
هربت من الحانة برفقة قبيلة وثنية إلى أعلى النهر حيث اصطدنا بطريقاً وأطعمناه لأسماك جائعة, ثم قطفنا العنب من تاج ديونيسوس النائم على لحية ملك بابلي ودهنا به أجسادنا و رقصنا حول أنصاب بدائية حتى فقدنا الوعي. عندما استيقظت كنت في أحشاء ثور أعمى, فشققت طريقي نحو أرض الغجر وهناك عرفت من خلال بلورة سحرية معلقة بقرن آيل فتي إن الجنرال كاذب ومخادع وأني لست الوحيدة التي يكلمها كل ليلة عند نار الموقد البرتقالية. أشفقت على الأولاد و تركتهم لشأنهم.. بل أهديتهم طائرة قاصفة بنصف محرك من طراز عتيق نكاية بالجنرال الخائن وربطتها بخيط حريري كي لا تهرب ووعدتهم بأن أزودهم بذخيرة كاملة في زيارتي القادمة عند عودتي أمسكت بالبغل العجوز وأجهزت عليه.. قسمت قلبه بصناديق صغيرة من البلوط.
سأسلمها للجنرال على انها قلوب الأولاد الغجريين !! في المعسكر, احتفلوا بعودتي. طبع الجنرال وشماً بجمجمة وعـظميين متقاطعين على كتفي الأيسر.. عـزفـت المارشات العسكرية بواسطة فرقة من فئران الحقل إكراماً لي, وأقاموا مسلة على شرفي دونوا بها عدة حكايات مغلوطة عن رحلتي البطولية لأرض الغجر بدم قطط نفقت من التخمة. احتفلنا بالرقص والغناء حول المسلة حتى وقت متأخر نسبياً, ألقيت خطبة عصماء بالمناسبة تحت تأثير الهيروين. حياني الجنرال على الطريقة النازية ثم دعاني لكوب قهوة في غرفته التحتية لمناقشة متطلبات المهمة القادمة. في الطريق إلى هناك أخبرته بأني لن أسرق الجوز من بطون السناجب المسكينة.. ثم تعمقت بالحقيقة أكثر و أخبرته بأني أكرهه و أكره القهوة!!
- 3rd March 2018 (views: 1926)