فجر التعاويذ - ستار الحسيني

كان فجـراً باســـماً في مُــــقلتيّا
يوم أشـــرقتَ من الـغيبِ علــيّا
أنســـتْ روحــي الى طلعتــــــه
واجتلت زهر الهوى غضاً نديّا


هكذا تجلت حروف "فجر التعاويذ" حين كنت استمع الى شجى قصيدة "ذكريات" للشاعر احمد رامي.
قرأته وقد لفني سواد الليل، اذ تقلبت في اوراقه التي ضمت كلمات طاولت محراب قيامه وخيفة ان يلمحه شزر العابرين ليروا جرحه وهيامه. لم اكد اكمل هذه القطع المُغمسة بموسيقى الروح، حتى طارت بيّ الى مشاهد حلم توزعت في كل نشوتي وخيالي، وزرعت الحياة في بعض اجزائي، وحولتني الى تعويذة من تعاويذ "نهابة"، ولم اصحو الاّ بفجر قادني الى الغيب.
هذا ما لمسته في ديوانه الذي امسى ترجمة فورية لرقة احساسه وصدق عاطفته وحرارة تجربته.
الشعر في كل اعماله الشعرية ومترجماته الروائية، هو زغب حياته الادبية الاولى، حين دبت عاطفة القلم في تلابيب اسطره وبدأت رحلته الطويلة عبر قصاصات مسوداته التي استمتعتُ فيها ايام خلت مثلما احتوتني قراءة رواية "قطار الشرق السريع".
هذا الديوان، له من الصياغة البليغة المرهفة والحس العاطفي المأمور بسكر الحرف جعله يذوب ببراءة الدمع الذي امتزج مع موسيقى الكلمة التي لا تأفل مع انتهاء قارئها، بل تظل تمضغ حسن المعاني في ذاكرة شاعر عاش منتفضاً على غيوم تلبدت في سماء ايامه، فقادها الى واحات همس الشعر والترنيمة واللفظ المُعبّر، لتنتهي بقصائد لا عذل فيها ولا لوم، الاّ المحبة وانس الحبيب الحاضر في ضمير الغائب، وعلى وثير الأمل المُفعم بالنقاء والحياة والمولّه بالصدق مع الذات والآخرين.
اعود فأقول، ان الخبرة في اسرار الحرف وتكوين الكلم عبر قصائد "فجر التعاويذ" جرّ بعض اللغة الغامضة الى بصيرة الاغتراب الذاتي والمُشرق في لوحة اغريقية استعارها بألوانٍ حادة، فغدت في موكب الآلهة والعاشقين، سمواً لكرامات قلّ ان تزورنا في رحلات العمر.
فالى كل الذين مرّوا، خفافاً في تفعيلة هذا الديوان وقصائده، والى كل الذين حاول الشاعر تمثلهم بأحلام اليقظة وعصوا عليه، والذين ترك لهم سلال الروح لجني حبهم ألاثم، أقول اني تلذذت بحب سجاله قدر تلذذي بهمس المُحبين حين يكون هناك ضياء وأمل... وأمل.