إغفاءة حلم - زهراء آل حسان

في الليالي التي لا يغفو فيها بسهولة، يأتيه الحلم ذاته، في التوقيت نفسه تقريبًا، قبل أن ينكسر الليل إلى نصفين. في تلك الليلة، وبينما كان المطر ينسج خيوطه على زجاج النافذة، جلس نديم على طرف سريره، وأطفأ النور. لم يشعر بالنعاس، لكنه لم يرغب في التفكير أيضًا.
لم يكن الهدوء من حوله سلامًا... كان أشبه بفراغٍ داخلي يتنفس بثقل. أغمض عينيه. رأى نفسه طفلًا في فناءٍ قديم، يحمل ورقة ويبحث عن صندوقٍ لا يملكه. استيقظ بعدها دون أن يعرف متى غفا. اقترب من الباب ليتفقد شيئًا لم يكن ينتظره... وهناك، في صندوق البريد الخشبي الذي ما عاد يفتح أبدًا، كانت ورقة أخرى مطوية بعناية، تحمل الخطّ نفسه، والغياب نفسه، والحضور نفسه.
لكنه، وللمرة الثانية، لم يفتحها. أعادها الى الصندوق. أغلق الباب ومشى نحو المطبخ. أدار الغلاية... ووقف أمام النافذة. كان يعرف في داخله، أن هذه الرسائل ليست من مجهول، كانت من شيء أعمق بكثير: ذلك الجزء فيه الذي ظل يكتب له، حين تخلّى عن الكتابة.