الحدود السائلة للسياسة الخارجية في عصر الذكاء الاصطناعي - محمد علي الطائي

الحدود السائلة للسياسة الخارجية في عصر الذكاء الاصطناعي
محمد علي الطائي
لم تعد الحدود تُقاس بالخرائط والجيوش، بل أصبحت مفهوماً متحوّلاً يتشكّل عبر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتدفّقات المعلومات.
السياسة الخارجية انتقلت من منطق القوة الصلبة إلى قوة البيانات والسرديات، حيث غدا الدبلوماسي محللاً للبيانات، وأضحت الدولة التي لا تملك سيادتها الرقمية تفقد نفوذها مهما بلغت قوتها العسكرية.
الذكاء الاصطناعي أصبح فاعلاً جديداً في العلاقات الدولية؛ يقود حملات التضليل، والتزييف العميق، والتأثير في الرأي العام. وهكذا برزت "حروب ناعمة" بلا رصاص.
العالم اليوم يعيش حالة تشظٍ جيوسياسي غير مسبوقة؛ لم يعد النظام أحادي القطبية أو متعدد الأقطاب بوضوح، بل شبكة متغيرة تُبنى فيها التحالفات وتنهار بسرعة تداول المعلومة.
كما تحوّلت الدبلوماسية إلى "دبلوماسية رقمية" تُدار بالخوارزميات وتحليلات المزاج العام، بينما أصبحت الشركات التكنولوجية الكبرى مثل غوغل وميتا وإكس، إضافة إلى الحركات الرقمية والمؤثرين، منافسين فعليين للدول في صناعة القرار والتأثير.
لم تعد السياسة الخارجية مجرد إدارة للعلاقات بين الدول، بل غدت إدارة للوعي والسرديات. فمن يملك الخوارزميات يمتلك المستقبل؛ لأن الذكاء الاصطناعي لا يصنع التكنولوجيا فحسب، بل يرسم ملامح السياسة أيضاً.